50 وساما توّجت مطور الرياض رائدا للفكر الإداري

فكر مدرسة سلمان الإدارية يعتمد على المصارحة والمكاشفة بعيدا عن الضجيج الإعلامي

50 وساما توّجت مطور الرياض رائدا للفكر الإداري

50 وساما توّجت مطور الرياض رائدا للفكر الإداري 668065_215420

صورة التقطت للملك عبد الله مع الأمير سلمان خلال وصولهما إلى مكة المكرمة للصلاة على جثمان الأمير الراحل نايف.

محمود لعوتة من الرياض
المتأمل والمتصفح سيرة الأمير سلمان بن عبد العزيز الإدارية، يمكنه وصفها بأنها مدرسة قائمة بذاتها عبر التاريخ الطويل لهذا الرجل في شؤون العمل الإداري حيث أتاح للمؤلفين والباحثين فرصة رصد هذه التجربة الغنية التي تحكي الواقع العملي والريادي الذي تميز به مطور الرياض، لتكون أثرا علميا وعمليا تستنير به الأجيال القادمة وتبقى مرجعا مهما في المكتبات.

ويمكن القول إن الأمير سلمان تبنى فكرا إداريا مستمدا من واقع البئية المحلية السعودية ينطلق من توجهات وقيم حضارية معاشة.

ووصف عدد من الأكاديميين والمختصين في المجال الإداري بأن الأمير سلمان يتمتع بشخصية قيادية فريدة وخبرة طويلة، وهذا الوصف لم يأت من فراغ حيث يعد واحدا من أهم رواد الإدارة المحلية في العالم العربي؛ بما يمتلكه من خبرة واسعة في المجال الحكومي تمتد إلى نحو خمسة عقود جعلت منه أنموذجا للفكر الإداري الذي يواكب مستجدات ومتطلبات العصر مع التمسك بالقيم الأصيلة النابعة من المنهج الذي يقوم عليه دستور المملكة.

50 وساما توّجت مطور الرياض رائدا للفكر الإداري 668065_215421

50 وساما توّجت مطور الرياض رائدا للفكر الإداري 668065_215421

الأمير سلمان.

وهنا يقول الدكتور عدنان بن عبد الله الشيحة عميد معهد الأمير سلمان لريادة الأعمال في جامعة الملك سعود الذي أتيحت له الفرصة للاجتماع والتعرف عن كثب على فكر وأسلوب الأمير سلمان بن عبد العزيز القيادي، بأن الحديث عن شخصية قيادية ''كرزماتية'' جذابة متعددة القدرات والسمات وذات تجربة سياسية وإدارية عميقة كالأمير سلمان ليس سهلا.

فالقيادات وأسلوبها في الإدارة وصنع القرار هي من تبعث الحياة في النظام أيا كان نوعه اجتماعيا، أو إداريا، أو سياسيا، وتمنحه اللون والنكهة الخاصة به والتفرد بشخصية تصنع له التميز.

الأمير سلمان أحد القيادات الفذة التي تمتلك تلك السمات المميزة، فخلال خبرته في الحكم والممارسة الإدارية التي تمتد إلى نحو 50 عاما ونيف، أثبت قدرة فائقة على التعاطي مع قضايا محلية ووطنية متعددة ومتنوعة ومعقدة، والتعامل مع فئات المجتمع المختلفة تعليما وثقافة، وله مع كل فن النصيب الوافر، حتى لتخاله لعمق تحليله ودرايته في مجالات شتى أنه متخصص في قضية دون قضية وفي فئة اجتماعية دون أخرى.

فسلمان الذي ارتبط اسمه بالرياض يمتلك نحو 50 مسمى ووساما مختلفا لتوليه الإشراف على جمعيات خيرية واجتماعية وإنسانية ودينية ولجان للتطوير والتنمية والمحافظة على التراث والتاريخ فهو في البداية رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وكذلك المدينة التاريخية الدرعية ورئيس اللجنة العليا واللجنة التحضيرية للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية.

50 وساما توّجت مطور الرياض رائدا للفكر الإداري 668065_215422

50 وساما توّجت مطور الرياض رائدا للفكر الإداري 668065_215422

صورة التقطت للأمير الراحل نايف مع الأمير سلمان الشهر الماضي خلال القمة الخليجية الأخيرة.

وهذا على سبيل المثال، فالرجل يكفيه اهتمامه بجمعيات اليتامى والمعوقين وحفظة القرآن الكريم والجمعيات الخيرية والمرضى فملفه مليء بهذه المسميات التي تأتي في تاريخه الإنساني، وكم تولى الكثير من اللجان لجمع التبرعات للمنكوبين وإغاثة متضرري الحروب والزلازل والسيول والأمطار.

يهتم كثيرا بالمجالات الثقافية والأنشطة الاجتماعية، فكان الرئيس الأعلى لمعرض ''المملكة بين اليوم والأمس'' الذي نظم في عدد من الدول الغربية والأوروبية والعربية.

ويعود الدكتور الشيحة ليقول إن الأمير سلمان لديه القدرة على قراءة الأشخاص بسرعة قراءته للتقارير، وتمكَّن من وضع بصمته المميزة في الإدارة والحكم.

فهذه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض إحدى أهم العلامات البارزة في تاريخ الإدارة المحلية السعودية، فهي من بنات أفكاره وإبداعاته الإدارية ونهجه في العمل بروح الفريق، تقف شاهدا على رؤيته الثاقبة ودرايته بالعمل الحكومي.

إنها بحق تعد نموذجا لصناعة القرار العام، وأسلوبا جديدا في صياغة الاستراتيجيات التنموية والعمل الحكومي المشترك، وتفعيل دور القطاع الخاص في خدمة المجتمع.

لقد كانت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بمثابة الجسر الذي تمكنت العاصمة الرياض، وهي تسابق الزمن من العبور فوقه والانتقال إلى مرحلة أعلى من التطور الحضري والعمراني، بعدما كانت مدينة صغيرة ضئيلة تفتقر إلى الخدمات الأساسية والعمرانية.

ويشير الدكتور عدنان الشيحة الذي كان يعمل سابقا المدير التنفيذي لمركز الأمير سلمان للإدارة المحلية إلى فكر الأمير سلمان وأسلوبه القيادي المميز وشخصيته القوية الجذابة وحضوره المؤثر، لم يكن ليستوعبه نطاق الجغرافيا الضيق في حدود منطقة الرياض التي كان يديرها كحاكم إداري متمكن، ولا حتى نطاق الوطن السعودي بإسهاماته العظيمة في إدارة الشأن الداخلي، التي ربما خفيت عن الكثيرين؛ لأنه يؤثر العمل بصمت الحكمة دون ضجيج إعلامي، همه تحقيق المصالح العليا للوطن والحفاظ على ثوابته ومنجزاته وتوازنه واستقراره.

ويوضح الشيحة أن الأمير سلمان تجاوز صيته حدود الوطن ليشمل الوطن العربي الكبير، وراحت سمعته الطيبة تسبقه في كل مكان، فها هي المنظمة العربية للتنمية الإدارية تطلق جائزة بمسمى ''جائزة الأمير سلمان للإدارة المحلية''؛ اعترافا وتقديرا له كأحد أبرز رواد الإدارة المحلية في الوطن العربي.

سعي المنظمة لأن تحمل الجائزة اسم الأمير سلمان يؤكد مرة أخرى، أن خبرته السياسية وتجربته الإدارية وشخصيته القيادية محل تقدير واحترام على مستوى العالم العربي، وهو ما أشار إليه الدكتور رفعت الفاعوري مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية في معرض حديثه عن إطلاق الجائزة، حين قال: ''وأود أن أوجه عظيم التقدير والامتنان للأمير سلمان بن عبد العزيز على قبوله تبني جائزة الأمير سلمان للإدارة المحلية على مستوى الوطن العربي؛ ليكون نهجه الإداري، وأسلوبه القيادي، نبراسا للقيادات الإدارية المحلية العربية الشابة''.

ويضيف: هكذا إذا يسترعي الأمير سلمان انتباه الجميع بسمته الشخصي وسماته القيادية ليملأ المكان بحضوره المتوهج، ربما كان هذا هو السر وراء شعبيته الغامرة ومحبة الناس الكبيرة، أو لربما كان لجانبه الإنساني في البذل والعطاء وتسهيل أمور المحتاجين في الداخل والخارج بعيدا عن الأضواء، أو لعله، تفانيه ودقته في العمل بكفاءة وفاعلية منقطعة النظير وحرصه على أن يكون قدوة للجميع في الانضباط والالتزام بتطبيق النظام، أم تراه، علمه الغزير بتاريخ الدولة السعودية السياسي والاجتماعي، ومعرفته بالأسر والأنساب، وإلمامه بالأحداث وقدرته على تحليلها والربط بينها؛ ما مكنه من إقامة شبكة من العلاقات الوثيقة مع جميع فئات المجتمع في جميع مناطق السعودية دون استثناء.
هذه أمور تعلمها في مدرسة الملك المؤسس الحكيم - يرحمه الله - وصقلتها التجارب الثرية والخبرة الطويلة والاطلاع الواسع؛ ليكون ذلك المزيج الفريد لشخصية مميزة تجمع بين التمسك بالتقاليد العريقة بقيمها وأعرافها، وفي الوقت ذاته التطلع نحو المستقبل والرغبة في التجديد كإنسان عصري يسعى إلى مواكبة المستجدات وتوظيف التقنية المتقدمة، وأساليب الإدارة الحديثة من أجل التطوير والارتقاء بالمجتمع.

هذا التوازن بين الأصالة والمعاصرة هو معادلة النجاح وسر تألقه كقيادي فذ، نذر نفسه للعمل العام وما ينفع الناس؛ لتكون الإدارة وممارسة السلطة من أجل الناس وهذه قمة العطاء.

وعلى صعيد الأوسمة فقد نال الكثير منها محليا وإقليميا ودوليا أبرزها وشاح الملك عبد العزيز من الطبقة الأولى والذي يعد أعلى وسام في المملكة.

فهو يعد حقيقة أحد أبرز رواد الإدارة المحلية في الوطن العربي، وتشهد له بذلك العاصمة الرياض.

ويذكر الشيحة نقطة مهمة في مسألة القيادة والإدارة المحنكة للأمير سلمان لأنه متمرس يدرك أن وضوح التوقعات والأهداف والنهج الإداري أساس النجاح في العمل الجماعي، فقد كان واضحا شفافا على الرغم من أن العمل الحكومي نمطي، إلا أنه يأبى الركود والاستكانة والروتين الذي يعطل الكفاءة والفاعلية ويحول دون الاستجابة لمتطلبات المواطنين وتحقيق المصلحة العامة.

وبالتالي هو لا يرتضي التقوقع البيروقراطي والجمود الإداري ويسعى إلى خلق بيئة عمل متعلمة مرنة منفتحة تسودها الثقة والبحث عن الأفضل وفيما ينفع الناس.

إيمانه بأن العمل في أساسه من أجل المواطن وأن الحكومة في أصلها هي من الناس وإلى الناس.

هذه المرونة الإدارية لا تعني مخالفة الأنظمة فهو حريص على تطبيق الأنظمة بكل دقة وأمانة، ولكنه قيادي يرى أنه مسؤول عن تحقيق مصالح الناس في المقام الأول، ولعل ذلك ما يدعوه إلى تطويع الأنظمة من أجل خدمتهم فهي وضعت من أجلهم، لذا كان حديثه جريئا واضحا وصادقا يمس جوهر العمل الإداري الحكومي في حديثه في أول لقاء مع منسوبي القوات المسلحة: ''أقول لكم أسلوبي في العمل هو الصراحة والمكاشفة بمعنى أنني على افتراض أنني أمرت بإجراء معين أو اتخذت رأياً معيناً وعند أحد منكم ما يخالفه بموجب الأنظمة أو التعليمات أو المصلحة العامة فأنا أطلب أن المسؤول منكم لا يتأخر إطلاقاً، بل أريده أن يلفت نظري إذا كانت هناك مخالفة نظامية أو مخالفة إجراء سبق أن تم أو أمر سبق أن تم، لأن هذا أسلوبي اتبعته في عملي السابق في إمارة منطقة الرياض''.

إنها الموازنة بين الإبداع والالتزام، بين المرونة والجدية، وبين إعطاء الأوامر وتقبل ردود الأفعال، هذه الموازنة تخلق وضعا إداريا مميزا يحقق الكفاءة والفاعلية ويسعى إلى الاستجابة للمستجدات والمتغيرات.

إن نهج الأمير سلمان في المصارحة والمكاشفة يخلق بيئة إدارية صحية ويفتح الباب على مصراعيه في نقاش ما لم يكن معتادا نقاشه ليكسر حاجز الرهبة ويقضي على المجاملات والمداهنات لأنه عملي حتى النخاع يعشق الإنجاز ويسعى من أجل النجاح.

هذا هو نهج الأمير سلمان الواضح الجلي القيادي الذي يؤسس لثقافة إدارية مبنية على الاتصال والتواصل الإنساني والتفاعل مع المستجدات والعمل الدؤوب وتطبيق المعايير المهنية واحترام الوقت.

الأمير سلمان نموذج للقيادي الذي يجمع بين الحنكة السياسية والتنظيم الإداري والرؤية الإنسانية، ولذا هو خير معين بعد الله لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله لأنه الرجل المناسب في المكان المناسب.